ج ـااااارحنى وبعدى بهواكـ عضو ملكي
عدد المساهمات : 75 تاريخ التسجيل : 11/01/2011 العمر : 35 الموقع : إذا أحببت شخصا فاذهب إليه وقل انك تحبه ..الا اذا كنت لا تعي ما تقوله فعلا ..لانه سيعرف الحقيقة بمجرد النظر الي عينيك ...
| موضوع: الـمدينة العجـيبة ( قصة قصيرة ) . الثلاثاء يناير 11, 2011 4:54 pm | |
| الـمدينة العجـيبة ( قصة قصيرة ) .
كان يملؤهُ الحزن و التعاسة و الألم ، يشعرُ أن كل شيء ٍ حوله بغيض منفّر . يترقبّهُ الشكّ عند كل منعطف ، في أقصى كل زاوية . متوتِّراً أبداً ، يُنفقُ من ريع اللوحات التي يرسمها و يبيعها على سجائره ِ و صبغات الشّعر و الألوان و الريَّش . ارتضى العُزلة أختاً لعزوبيّته ، جمعَ بينهما في غرفته البعيدة عن المدينة التي طالما أرهقته مشاغلها و أسلمتهُ همومها إلى صداع ٍ أليم ٍ طويل . لكنه يعرف أنهُ لا يطلع في يده التخليّ عنها أو تنكّب محافلها ، تلك التي شغف بها قلبه و امتلأتْ رءتاه بدخّان مصانعها و عوادم سيّاراتها ، تلك التي تزحلقَ بنفايات شوارعها و تعثّرَ في حفر طرقاتها . لقد كانت أثيرته و حبيبة قلبه . و ما كان ليعدل عن هذا الرأي حتى بعد أن ابتلعته إحدى زنزاناتها و حرمته منظر السماء الزاهيّ قرب التلّة كل صباح ، حينما يبتُ أمره و يقرر مسك ريشة الرسم و الشروع في ضرب أول الخطوط على سطح الورقة و في نيّته الخروج بلوحة جديدة ، و لأن المدينة أحزنته و كبّدته ما لا طائل له عليه من أحكام البهتان و الإتهامات الباطلة ، فقد قررَ أن يضفي على رسمته الأولى بعد خروجه السجن ذاك الطابع الذي يعبّر عن حزنه و حنقه و استيائه ، و خطرَ له بعد حين أن ينحي بها بعض المنحى الساخر الناقد . بذل جهداً كبيراً في إعتصار مخّه ، حتى أنه شدّ شعره و كزّ على أسنانه ، في محاولته للخروج بلمحة تختزلُ كل ما في روحه من عجز ٍ و قهر ٍو ضعف ، لكنه ما أفلح . و تضمّختْ أغلب محاولاته عن رسمات ينقصها الإقناع و يلتبسُ فيها الفهم ، فاقدة ً الإثارة . و ظلّ على هذا المنوال إلى أن أطبق الليلُ على تخوم المدينة و أسدلتْ البيوت ستائرها . فكان في لحظة وسن ٍ فريدة ، و رأسه مسطول و ذراعيه خَدِرتان . أمسك الريشة و راح يخطُّ على الورقة على نحو ٍ من النزق و الملل ، و كلما أمعنَ في الرسم ، شدَّ على القلم و ضاقتْ عيناهُ بمكر ، و على شفتيه ابتسامة هزء . و بينه و بين نفسه ، راحَ يردد .. لم يبقَ إلا القليل ، حتى وصل منه الحال أنه صار يغمض عيناً و يفتح ثانية . و قد دفع بفكرة إعداد القهوة بعيداً ، مُصرّاً على أنه لا محالة فارغٌ من إتمام مزحته الكبرى ، و أن ولعاً شديداً تملّكه ، إذْ يستيقظ صباحاً فيجد بين يديه ما يقذفُ به المدينة و أهلها ، فيستوعبون معاناته و يأسفون لمهانته | |
|